أساليب التسويق الحديث مع كتاب Growth Hacker Marketing

تحدّثت في تدوينة سابقة عن التسويق الحديث أو النمو السريع في عالم التسويق، وهي تدوينة جاءت بعد البدء بكتاب Growth Hacker Marketing الرائع. ساستعرض معكم مُلخّص بسيط لأقسام الكتاب الأربعة، واعتقد أن الراغبين بدخول عالم التسويق عليهم قراءة هذا الكتاب بسبب بساطته وتقديمه للمعلومات بصورة مُباشرة.
التسويق الحديث غير مبني على أسس، أي يُمكن للمسوّق اختيار الطريقة الذي يجدها مُناسبة للوصول إلى غايته؛ ففريق عمل بريد هوت ميل Hotmail قرر إضافة جملة أسفل كل رسالة للحصول على مستخدمين جُدد. في حين أن القائمين على تطبيق ميل بوكس Mailbox وجدوا أن الحصول على التطبيق عبر دعوات لعدد محدود سيؤدي إلى ضجّة إعلامية ضخمة، وهو ما حدث بالفعل وساهم في تسويق التطبيق.
لكن هذا لا يعني أبدًا عدم وجود قواعد أساسية للاستناد عليها؛ فالتسويق يعني التخطيط للمنتج نفسه قبل أن يكون موجودًا على أرض الواقع، لحين وصوله للزبون النهائي.
الفصل الأول من الكتاب يتحدّث عن الـ Product Market Fit، أي العثور على مُنتج يحتاجه السوق بالفعل أيًا كان ذلك السوق أو أيًا كان المُنتج. وهُنا يحتاج المُسوّق للتعاون بشكل مُباشر مع المُطورين إذا ما كان المُنتج تطبيق، أو مع المهندسين إذا ما كان المُنتج جهاز كهربائي مثلًا، أو مع المُحررين إذا ما كان المُنتج كتاب.
التواصل مع هؤلاء الأشخاص يجب أن يكون لغاية وحيدة، وهي اختبار السوق أولًا بنموذج بسيط يُمثّل الفكرة الأساسية فقط، MVP، وهي اختصار لـ Minimum Viable Product. الغاية من هذا النموذج هي اختبار السوق وردّة فعل المُستخدمين للتعديل على النموذج حتى يُلاقي رضا وقبول الأغلبية، أي أن يكون بالفعل مُنتج ذو قيمة للتشجيع على استخدامه وعدم نبذه.
الخطوة الثانية بعد الوصول إلى المُنتج الذي يحتاجه السوق هي البحث عن النمو، أي جذب شريحة أكبر من المُستخدمين، والحرص على نمو هذه الشريحة كذلك.
التسويق الفعلي للمنتج لجذب المُستخدمين يُمكن أن يتم بأكثر من طريقة، فالقائمين على تطبيق دروب بوكس Dropbox أطلقوا برنامج يسمح للمستخدم بالحصول على مساحة تخزين 250 ميجابايت مجانًا عندما يقوم بدعوة أصدقاءه لاستخدام التطبيق، ويقومون بإنشاء حساب من خلال تلك الدعوة. في حين أن موقع eBay مثلًا تعاقد مع شركة طيران مُعيّنة وقام بالسماح للمسافرين عبر تلك الخطوط بتصفّح الموقع وإتمام الطلبات.
كل تطبيق أو مُنتج له طريقة مُعيّنة يبتكرها فريق التسويق بنفسه، لكن مثل هذه الخطوات في أساليب التسويق التقليدية كانت تتطلب من صاحب المشروع دفع مبالغ خيالية لنشر إعلانات تلفزيونية أو إذاعية، أو حتى في الصحف. أما في التسويق الحديث، فالغاية هي إيجاد طريقة مُلائمة بأقل التكاليف لجذب شريحة أكبر.
أما الفصل الأخير في الكتاب -بالمناسبة، قمت بدمج الفصلين الثاني والثالث معًا في الخطوة الثانية لأنهما مُكمّلان لبعضهما البعض- فهو يتحدّث عن الدوران في حلقة الحفاظ على المُستخدمين الحاليين والتحسّن باستمرار.
يُركّز الكتاب هنا على بعض المُمارسات الغريبة التي يقوم بها أصحاب المشاريع، إذ يبحثون دائمًا عن مُستخدمين جدد دون التركيز على المُستخدمين الحاليين، وهو خطأ كبير، فعصفور باليد أفضل من عشرة كما يُقال. يجب أولًا تحسين تجربة الاستخدام بالنسبة للشريحة الحالية، والاستماع إلى شكاويها باستمرار لأنها العنصر الذي يُساعد خدمتك أو منتجك على النمو. وفي نفس الوقت، حاول بشكل طفيف جذب شريحة جديدة، فلا ضرر في ذلك بكل تأكيد.
بالمناسبة، عندما تقوم بإرضاء عُملاءك الحاليين، أنت عمليًا تسعى لكسب شريحة جديدة. كيف ذلك؟ إقرأ تدوينتي بعنوان “في عالم التسويق كُن مثل شركة أمازون Amazon” وستفهم الأمر. هذا ما يُعرف بالـ Word Of Mouth في عالم التسويق، أي الحديث عن المُنتج من قبل أحد مُستخدميه، مثلما تحدّثت في التدوينة عن تجربتي السعيدة مع أمازون.
باختصار، التسويق الحديث يقوم على الوسائل التي تسمح للشركة بقياس مُستوى التحسّن أو الاستفادة، عكس التسويق التقليدي الذي لا يسمح بذلك؛ فعند نشر إعلان في جريدة بإمكانك إخبار العميل أنها باعت مليون نسخة، لكن كم واحد قرأ بالفعل وشاهد الإعلان؟ لا أحد يعرف. في التسويق الحديث وعند وضع إعلان مثلًا في فيسبوك يُمكن معرفة من شاهده، ومن أي مكان، وهل ضغط على الرابط فيه، وتلك هي أهم عناصر التسويق الحديث، معرفة كل شيء بدقّة.
أما العنصر الأساسي أو الركن الثاني فهو التوفير، المسوّق الحديث لا يُريد صرف مبالغ خيالية لوضع إعلان لمنتجه على التلفاز، بل يُفضّل الوصول إلى الزبائن بأقل تكلفة مُمكنة وصرف تلك المبالغ على تطوير المُنتج نفسه.