ماذا لو

البيانات الرقمية (ديجيتال)… هل أصبحت عقولنا قادرة على فهم الـ 01؟

أثبت “ويم هوف” (Wim Hof)، وهو رياضي هولندي معروف أيضًا باسم رجل الثلج (The IceMan)، أن جسم الإنسان قادر على التأقلم مع أصعب الظروف حينما تتوفّر الإرادة لدى الشخص، وذلك عبر السباحة في بُحيرات مُتجمّدة وتسلّق قمم الجبال المطليّة بالثلج دون أن يتأثّر. وانطلاقًا من تجربته الخاصّة، أنشأ “هوف” برنامجه الخاص لتدريب وتأهيل أي شخص للقيام بنفس الأمر خلال أسبوع واحد تقريبًا.

بالنسبة لـ “هوف”، فإن الأمر يحتاج فقط لإصرار ولتركيز الأفكار فقط، مع تنظيم التنّفس، وتلك أمور يحتاج الإنسان للتدرّب عليها لإتقانها، وإلا لتغلّب الجميع بسهولة على القلق أو الهلع في اللحظات الصعبة.

المُقدّمة السابقة هدفها طرح فرضيّة بسيطة -مُثبتة بشكل جزئي- تنصّ على إمكانية تأقلم جسم الإنسان مع كل الظروف تقريبًا، ولعل قصص نجاح الأشخاص الذين جاؤوا من أصعب الظروف مثال آخر على مرونة عقل الإنسان، وهذه فرضيات سوف نحتاج لها فيما بعد.

تبادل البيانات رقميًا

عندما يقوم المُستخدم بتشغيل تطبيق “إنستغرام” على سبيل المثال لا الحصر، يقوم الهاتف الذكي بإرسال إشارة تحتوي على بيانات رقميّة، 0 و1 فقط لخوادم الشركة يطلب فيها آخر المُشاركات التي قام أصدقاء المُستخدم بنشرها، ليردّ الخادم (سيرفر) Server بحزمة أُخرى من البيانات الرقمية التي سيستلمها الهاتف وسيقوم بتحويلها لصور ومقاطع فيديو تفهمها عين الإنسان.

خلال هذا التبادل الرقمي، يمتصّ جسم الإنسان الإشارات الرقميّة، أي أن تلك الحزم الصادرة والواردة تصل للهاتف ولجسم الإنسان في ذات الوقت. لكن ولأن البيانات الرقميّة مكتوبة على هيئة 0 و1، لا يُمكن لدماغ الإنسان فهمها مُباشرة، مثلما هو الحال عندما يسمع الشخص حوار بلغة أجنبية لا يفهمها. لكن ماذا لو كان هناك سلوكًا آخر لدماغ الإنسان عند استلام البيانات الرقميّة؟

أضغاث أحلام

أخبرني أحد أصدقائي أن هناك ظاهرة تكرّرت معه أكثر من مرّة حيث أنه يحلم بشخص ما كان معه في طفولته أو زامله أيام الدراسة، ليستيقظ صباحًا ويرى رسالة من نفس الشخص على هاتفه على الرغم من عدم حديثهم أبدًا منذ سنوات طويلة، أي أن العقل الباطن لا دور له في هذه الظاهرة.

سؤالي الأول كان حول إمكانية الاستيقاظ ليلًا والنظر لشاشة الهاتف ثم العودة للنوم مُجدّدًا، وهذا كفيل لتحفيز العقل الباطن لاسترجاع ذكريات قديمة وبالتالي مُشاهدة نفس الشخص في الحلم، إلا أن صديقي أكّد أن الهاتف يُترك بعيدًا عن النوم، الأمر الذي دفعني للتفكير طويلًا خصوصًا بعدما سمعت نفس الحادثة أكثر من مرّة ومن أكثر من شخص!

ماذا لو؟

عندما يستلم الهاتف وجسم الإنسان حزمة البيانات الرقمية فإن الهاتف قادر على إعادة ترميزها بالشكل الصحيح بسبب وجود خوارزميات لتنفيذ هذا الأمر. لكن ماذا لو كان عقل الإنسان، بسبب مرونته وقدرته على التأقلم مع الظروف المُختلفة، قادرًا على القيام بنفس الأمر؟ ماذا لو استفاد الدماغ من حاسّة النظر للعثور على نمط Pattern بين الحزمة التي استلمها والصور ومقاطع الفيديو التي يُشاهدها؟ ومع تكرار العملية أصبح يتدرّب ويتعلّم Deep Learning بشكل آلي دون الحاجة لتفسير كل شيء له؟

بمعنى آخر، ماذا لو أصبحت عقولنا قادرة على تحويل الـ “01000001” إلى حرف A، والـ “000000001111111100000000” إلى اللون الأخضر بالاستفادة من العين؟ وبالتالي، فإن استلام حزمة بيانات رقمية أثناء النوم تحتوي على رسالة من شخص ما من شأنها دفع الدماغ لتحليل تلك الحزمة واستخلاص البيانات منها، ومن ثم تحفيز العقل الباطن لاسترجاع ذلك الشخص من الذاكرة؟

في ظل وجود مليارات الخلايا العصبية وملايين الشبكات بين فصوص الدماغ المُختلفة، فإن الأمر غير مُستبعد أبدًا. وفي وقت يسعى الباحثون فيه لتطوير عقل رقمي قادر على التفوّق على الإنسان، قد يكون لعقل الإنسان رأي آخر وحدود لم نكن نحلم بها في يوم من الأيام.

الوسوم
اظهر المزيد

فراس اللو

مُبرمج ومُطوّر تطبيقات ومواقع. صانع مُحتوى ومُحرّر تقني في موقع ميدان الجزيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق