التسويق الحديث وطريقة إنشاء حملة تسويقية للمُنتجات التي تحظى بمنافسة عالية جدًا
شارف كتاب All Marketers are Liars للكاتب Seth Godin على النهاية، وهو كتاب يتناول أساليب التسويق الحديثة، أو أفضل الأساليب للتسويق للمُنتجات، بعيدًا عن الطرق التقليدية.
الكتاب مع نهاية الفصل الأول يتطرّق لمثال حول كيفية إنشاء حملة تسويقية لأي مُنتج، ويستعرض التفكير التقليدي والتفكير الحديث كذلك، لكن لفهم التفكير الحديث يجب قراءة الكتاب كاملًا أو الفصل الأول على الأقل لفهمه إن لم يكن مفهومًا.
تخيّل أنك تعمل في شركة وطلب منك مُديرك إنشاء حملة تسويقية لمُنتج غذائي جديد وليكن رقائق البطاطا المقلية، شيبس Chips، على سبيل المثال لا الحصر. مفاهيم التسويق القديمة ستكون قائمة على تحديد الفئة المُستهدفة أولًا، ثم البحث عن وسائل الإعلان التي تُسيطر على تلك الفئة أو التي تصل إليها بأفضل صورة مُمكنة، لتقوم فيما بعد بإنشاء إعلان بالفيديو أو بالصور والترويج للمُنتج عبر الوسيلة المُختارة، بعد إحكام تصميم أكياس التغليف الخاصّة به بكل تأكيد.
ما سبق يعني أنك بحاجة لدفع مبالغ طائلة للوصول إلى الشريحة المُستهدفة، وقد تنجح في ذلك، لكن هل مُنتجك هو الوحيد في هذه الفئة؟ أم أن هناك عدد كبير جدًا من رقائق البطاطا في المحلات التجارية؟ الإجابة بكل تأكيد أنه أيًا كان مُنتجك فإنه لن يكون الأول في السوق، لذا فالمنافسة عالية مُسبقًا.
في التسويق الحديث الأمر مُختلف، فلتسويق المُنتج نحتاج لحكاية، وهُنا لا يُمكننا إدخال المُنتج إلى قسم مُكتظ سابقًا، لأننا سنُكرر حكايات تسويقية استُخدمت من قبل المنافسين. لذا فالذكاء يكمن في العثور على شريحة جديدة لنروي الحكاية الجديدة أيضًا لهم.
عوضًا عن استهداف جميع مُحبّي رقائق البطاطا يُمكننا استهداف الأُمّهات اللواتي لا يحبون الرقائق أبدًا، ولا يدخلون لقسم هذه المُنتجات في المحلات التجارية، ولا يلاحظون إعلاناتها كذلك. يبدو هذا ضرب من الجنون، لكن التسويق الحديث يعتمد على الحكاية -القصّة-.
عوضًا عن تكرار نفس العبارات على غلاف المُنتج، حاول تأليف قصّة جديدة؛ احرص على أن تكون حقيقيّة، فكلمة تأليف لا تعني الخيال دائمًا. عوضًا أن يكون المُنتج رقائق مقلية بالزيت العادي، دعها تكون مقلية بزيت صحّي، ومصنوعة من مواد عضوية، مواد خالية من الشوائب والدسم، مُملّحة بملح البحر الطبيعي وليس بالصوديوم، وعوضًا عن تغليفها في أكياس بلاستيكية، استخدم علبة من الكرتون، والأهم من هذا كُلّه لا تضعها في قسم المأكولات السريعة في المحلات التجارية، بل ادفع مزيدًا من المال لوضعها في قسم الأغذية الطازجة كالفواكه والخُضار.
قارن الآن بين الحكاية التي ستحكيها للزبون في الطريقة التقليدية، وفي الطريقة الحديثة؛ الأولى مُجرّد مُنتج آخر مُكرر لا جديد فيه. في حين أن الثانية تدل على مُنتج صحّي خارج عن المألوف، يُعالج مشاكل بقية المُنتجات، ويُحافظ على صحّة الزبون الذي كان لا يُفضّل المُنتج خوفًا من أضراره، دون نسيان أنه طازج أيضًا.
إذا كان هذا المُنتج جيّد بالفعل، ستنجح الحكاية الجديدة، وبالتالي سينتقل الحديث عنه من شخص للآخر، Word of Mouth، وتكبر الشريحة المُستهدفة شيئًا فشيئًا، وعوضًا عن البدء والتخبّط بين المُنتجات الأُخرى، إبدء من مكان آخر، واترك البقيّة لجودة المُنتج، وقوّة الحكاية خلفه.