التسويق Marketing

المشاريع الناشئة وأساطير النموذج الربحي

تبدأ رحلة مُعظم المشاريع الناشئة بفكرة بسيطة حالمة تخطر على بال أحد مؤسّسي المشروع أو أحد معارفه. تلك الرحلة لن تكون مفروشة بالورود بكل تأكيد ومن الضروري وضع خطّة عمل واضحة منذ البداية.

وضع الخطّة يجب أن يتم عن طريق أحد المُختصّين، أي من قاموا بدراسة إدارة الأعمال وإدارة المشاريع. ضمنها -أي ضمن الخطة- سيكون هناك بند أو فصل كامل يتحدّث عن التخطيط المالي وآلية الحصول على عائدات ماديّة للدفع بالمشروع والاستمرار به كذلك.

الكلام السابق أكاديمي بحت، وهو منطقي وصحيح بنسبة كبيرة جدًا لأنه ليس من الطبيعي أن يدفع أحدهم مئات الآلاف على فكرة ما دون وجود تخطيط مُسبق حول الآلية المُتوقّعة لتعويض المبلغ المدفوع أو تغطية نفقات المشروع على الأقل.

لكن وللأسف، البعض أصبح يقضي 1٪ من وقته في وضع الفكرة وتطويرها، ثم ينتقل ويقضي نصف وقته وأكثر على آلية تحقيق الربح المادّي منها.

لو قضى مارك زوكربيرغ جُل وقته في وضع نموذج ربحي لشبكة فيسبوك قبل إطلاقها عوضًا عن برمجتها، أو لو صرف أساتذة على غرار أحمد عبدالقادر مؤسس موقع البوابة العربية للأخبار التقنية، أو سعود الهواوي مؤسّس موقع عالم التقنية، وقتهم في وضع آلية ربحية قبل كل شيء لمشاريعهم لما خرجت للنور.

لم تقتنع بالكلام السابق؟ تعال نُحلّلها منطقيًا بعيدًا الكلام الأكاديمي وفرضيات النجاح والحالات الشاذّة. جميعنا نعلم أن الفكرة دون تنفيذ لا قيمة لها أبدًا، وبالتالي فإن رائد الأعمال أو صاحب الفكرة لن يستفيد منها أبدًا طالما أنها في مُخيّلته أو على الورق فقط. ما سبق يعني أن صاحب الفكرة لا يملك شيء أبدًا.

لكن لو قام بشكل أو بآخر بتنفيذها بنفسه، كأن يقوم مثلًا ببرمجة التطبيق أو كتابة المحتوى أو الإصلاح في الورشة أو حتى تحضير القهوة، لتغيّر الوضع تمامًا. وفي تلك الحالة أصبح يمتلك شيئًا بعيدًا عن جدواه الاقتصادية، وهذا بدوره يفتح سيلًا من الاحتمالات.

ماذا لو أُعجب أحد أصحاب رؤس الأموال بالفكرة ورغب في شرائها؟ ماذا لو جاء أحدهم وقرّر الاستثمار فيها؟ ماذا لو جاء أحدهم وقرّر التعاون مع صاحب الفكرة بشكل أو بآخر؟

الفرق واضح جدًا الآن، تنفيذ الفكرة يعني امتلاك شيء ما على أرض الواقع سيجذب شريحة من المُهتمين أيًا كانت. لكن الاكتفاء بالفكرة لن يأتي بثماره أبدًا طالما أنها على الورق دون تنفيذ.

اختصار ما سبق يُمكن قوله بطريقة أُخرى، عندما أبدء بالحديث مع بعض الأصدقاء عن المشاريع القادمة التي يرغبون بتنفيذها أجد أن القيمة في المشروع هي الشيء الأخير الذي يبحثون عنه. وأجد كذلك أن النموذج الربحي هو الأهم دائمًا وأبدًا. لكن على أرض الواقع، هؤلاء الأشخاص لم يقوموا حتى الآن بتنفيذ أي مشروع لأن المال هو الهدف الرئيسي وهذا قمّة الخطأ من وجهة نظر شخصية.

أبحث عن القيمة التي ستُضيفها في مشروعك وسيأتي المال عاجلًا أم آجلًا. وإن لم يأتي فكمّية الدروس التي حصلت عليها كفيلة في إنجاحك في بقيّة المشاريع. وبكل بساطة، راجع تاريخ أصحاب المشاريع الناجحة وسترى كمّية الفشل التي سبقتها.


This article is also available in English. Click Here.

الوسوم
اظهر المزيد

فراس اللو

مُبرمج ومُطوّر تطبيقات ومواقع. صانع مُحتوى ومُحرّر تقني في موقع ميدان الجزيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق