كذبة البحث عن السعادة!

لم تكذب الولايات المُتحدة الأمريكية فقط عندما ادّعت أنها تعنى بحقوق الإنسان دون تفرقة، أو أنها الدولة الأقوى على مستوى العالم، أو حتى أن الشعب الأمريكي هو الأفضل عالميًا، فهي زرعت مفهومًا خاطئًا فينا عنوانه “البحث عن السعادة” (Pursuit of happiness)، وهو أمر لا وجود له على أرض الواقع من وجهة نظر شخصيّة، تطرّق له أيضًا كتاب Man’s Search for Meaning.
من حق الإنسان بكل تأكيد أن يشعر بالسعادة. لكن عندما يتحوّل هذا الأمر إلى هدف الحياة الأوحد، فالنهاية قد تكون مؤلمة جدًا تبدأ بالاكتئاب لأن الإنسان يبحث عن شيء غير موجود تقريبًا!
مُعظم الدراسات تؤكّد أن مستوى السعادة الطبيعي عند الإنسان يتراوح بين 6 و7 فقط، إذا ما اعتبرنا أن الـ 10 هو الرقم الذي يدل على أقصى درجات السعادة، وبالتالي فإن المستوى السابع لا بأس به، إلا أن الجميع يبحث دائمًا عن العشرة التي لم، ولن، تدوم أبدًا لأن نفس الإنسان بُنيت على تلك الحقيقة بالأساس، وبالتالي واقع ملموس لا يُمكن الهروب منه.
المُشكلة ليست بالرغبة في البقاء في أقصى درجات السعادة فقط، بل تكون في كيفية العثور على تلك السعادة، فالبعض حتى لا يُمكنه البقاء عند الحد الطبيعي لأنه يبحث عن السعادة ولا يجدها.
الحل الأمثل لعلاج تلك المُشكلة هو العودة لتلك اللحظات التي شعر الإنسان فيها بالسعادة وتذكّر الظروف المُحيطة التي ساهمت بذلك الشعور، فالمشاعر غالبًا ما تتولّد نتيجة لحدث ما، وبالتالي فإن السعادة لم تأتي من فراغ، بل نتيجة لشيء مُعيّن. الكلام السابق يعني أيضًا أنك وللحصول على السعادة لا تحتاج للبحث عنها بشكل مُباشر، بل عن الأشياء التي بعد القيام بها بها تشعر بالسعادة.
بمعنى آخر، للعثور على السعادة تحتاج للقيام بشيء؛ البعض يشعر بالسعادة عن تناول الحلويات، وآخر عند الخروج مع الأصدقاء. البعض قد يُفضّل الجلوس في مكان هادئ للقراءة، بينما يشعر البعض الآخر بالسعادة عند مُشاهدة الأفلام.
لا توجد مُعادلة ثابتة للوصول إلى السعادة، إلا أن الثابت الوحيد هو القيام بشيء ما للشعور بها. وعوضًا عن إضاعة وقتك في البحث عن السعادة، ابحث عن الأشياء التي تُحفّز ذلك الشعور، وقُم بتكرارها. ولا تنسَ أن السعادة المُطلقة -المستوى العاشر- هي شعور نادر الحدوث ولا يدوم، فحافظ على خصوصيّته ولا تسعى دائمًا وراءها فتفقد خصوصيّتها.
جميل شكرا لك