التسويق Marketing

شركة كريم Careem في تركيا والنجاة من منافسة “آي تاكسي” iTaksi

واجهت تطبيقات النقل التشاركي في تركيا نفس المصير الذي واجهته في أي دولة جديدة وصلت إليها، فهي وبعد أسابيع من العمل وإعداد العدّة للدخول بقوّة، تُمنع عن العمل تحت ذريعة القانون وعدم الالتزام به.

في تُركيا اختلف الوضع قليلًا عمّا هو عليه في بعض الدول، إذ قامت جهات حكومية بتطوير تطبيق يحمل اسم “آي تاكسي” iTaksi، وهو تطبيق يُحاكي تمامًا كريم أو أوبر لكن بعد الاستعانة بسيّارات الأُجرة الصفراء. وهي تجربة تحدّثت عنها في مقالة بالتفصيل في مدونات الجزيرة.

الصورة الظاهرة للعيان تتمثّل بأن شركات مثل أوبر وكريم وبعد الجهود الحثيثة التي قاموا ببذلها لدخول السوق التركية تعرّضوا لمنافسة شديدة اللهجة من الحكومة. هذا يعني أن البُنية التحتية أقوى، فعدد سيّارات الأُجرة الصفراء يفوق بشكل قاطع عدد تلك المُخصّصة للعمل تحت مظّلة كريم على سبيل المثال، خصوصًا أنها تعتمد في تركيا على شاحنات نقل الرُكّاب، أي الباصات الصغيرة.

كرائد أعمال أو مُدير مشروع أنت أمام تحدّي من نوع خاص جدًا، وأنت بحاجة للخروج بأفكار تُساعدك على الاستمرار أو أن تمتلك الشجاعة الكافيّة لتقول أن المنافسة غير عادلة مع تحديد وقت للانسحاب من السوق. ليأتي السؤال البديهي: هل هناك أفكار أو طُرق تسمح لتطبيق كريم والقائمين عليه الاستمرار في تركيا؟

  • تحديد الهدف الرئيسي

تتميّز تركيا عن غيرها -بشكل أو بآخر- بوجود مفهوم الشركات الناشئة ضمن تكوينها، أي أن اتخاذ بعض القرارات يجري بسرعة كبيرة. لكنه في نفس الوقت يتعرّض لبعض التأخير بسبب الروتين والبيروقراطية التي أصبحت من الأمور المُتأصّلة في أي حكومة تقريًبًا. ولهذا السبب يجب على كريم والقائمين عليه تحديد الهدف الرئيسي من وجودهم في هذا السوق.

توفير منصّة للنقل التشاركي أو لتسهيل نقل الركاب من خلال حلول دفع جديدة وتطبيق على الأجهزة الذكية لم يعد كافيًا في ظل وجود “آي تاكسي”، ولهذا السبب يجب أن تكون هناك أهداف أكبر كالنظر إلى الصورة الكاملة. فلو كان الهدف هو التمهيد لإطلاق سيّارات ذاتية القيادة سيختلف الحديث بالكامل لأن التحرّك في هذا المجال على مستوى الحكومة سيكون بطيء نوعًا ما، ولنا في أمريكا خير مثال.

توفير سيّارات ذاتية القيادة يعني أن الشركة ترغب بجمع المعلومات عن السوق التركية أولًا، وعن الطُرقات فيها ثانيًا، أي التعرّف على ثقافتها مثلما هو معروف في إدارة المشاريع. في هذه الحالة يُمكن لكريم الاستمرار، فالخطوات القادمة تتعلّق بالإجابة على هذا السؤال.

ويجب التنويه هُنا إلى أن توفير سيّارات ذاتية القيادة ليس الهدف الأوحد؛ فمعاملة سيّارات النقل على أنها منصّة أمر مُمكن لاستغلالها فيما بعد في مجال الإعلانات أو تشغيل الموسيقى بعد التعاون مع بعض الخدمات الكُبرى على غرار سبوتيفاي، أو عرض الأفلام بعد التعاون مع نت فليكس، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

  • الدعم الفنّي

هناك معلومة يجهلها البعض وهي أن شركة مثل أوبر ما تزال تدفع تكلفة 50٪ من نقل الزبائن في بعض المُدن حول العالم، وهذا بهدف السيطرة على شريحة أكبر من السوق في الوقت الراهن. أي أنها لا تكسب المال وتُغلق نهارها خاسرة ماديًا.

بإمكان شركة كريم السير في نفس الطريق، وهي تسير فيه بشكل أو بآخر، وهذا عن طريق الدعم الفنّي. كريم حاليًا تُقدّم كوبون خصم 50٪ للرُكّاب، إضافة إلى 20 ليرة تركية كرصيد لأي شخص ينضم عن طريق شخص آخر سيحصل أيضًا على 20 ليرة. أي أنها ومُقابل كل شخص ينضم عن طريق صديقه تدفع 40 ليرة تركية من جيبها.

البارحة تعرّضت لتجربة سيئة مع السائق وقمت بالتبليغ عنها. تفاجئت اليوم بوجود رسالة على بريدي تُخبرني أن رصيد إضافي موجود في حسابي صالح للاستخدام لمدّة 365 يوم وذلك بسبب تجربتي السيئة.

مثل تلك المبادرات قد لا تقوى جهة حكومية على القيام بها أو الاستمرار فيها لفترة طويلة، وإلا لكُنا شاهدنا المدينة الفاضلة خارج كتب الفلاسفة. أي لو تمكّنت أي دائرة حكومية من متابعة شكاوي المواطنين وحلّها والاستجابة لها، لكنا شاهدنا الكثير من دول بمستوى سعادة توازي الدنمارك أو السويد.

  • مبدأ ستاربكس

لا وجود لهذا المبدأ -على حد علمي- في كُتب إدارة الأعمال، كما أن هذه التسمية شخصية، لكنني لا أُخفي إعجابي أبدًا بها.

مبدأ ستاربكس باختصار قائم على الحصول على النقود من الزبائن قبل حتى أن يشتروا، مع تقديم هدية بسيطة لقاء هذه الشهامة.

بإمكانك الحصول على كرت ستاربكس وشحنه بمبلغ مادّي للشراء منه، وكأنه بطاقة إئتمان. وبعد وصول عدد المُشتريات باستخدام ذلك الكرت إلى 10 أو 15، ستحصل على مشروب مجّاني، شريطة أن لا تكون قيمة المُشتريات كل مرة أقل من مبلغ مُحدّد أيضًا.

ما سبق يعني أن الشركة تحصل مُسبقًا على مبالغ مالية غير قابلة للاسترداد بناءً على اتفاقية الاستخدام، وهذا يسمح لها بتأمين سيولة ماديّة بعيدًا عن التوقّعات فقط، وهذا لوحده شكل من أشكال الأمان.

مع وصول عدد الرحلات التي يقوم بها المُستخدم في كريم إلى 10 مثلًا، يُمكن تقديم رحلة مجّانية له لأنه شحن رصيده بشكل مُسبق وقام بصرفه على تلك الرحلات العشرة.

“آي تاكسي” يسمح استخدام بطاقة نقل اسطنبول، وهي بطاقة تُشحن مُسبقًا عبر آلات موجودة في محطّات القطارات الرئيسية ومواقف الباصات. لكن هل ستقوى الدولة على توفير رحلات مجّانية بعد الوصول إلى عدد مُعيّن من الرحلات عبر تلك البطاقة؟ وهذا ليس انتقاصًا أبدًا، لكن الروتين والبيروقراطية ستؤثّر على تلك القرارات.

ما سبق هو جهد شخصي، أو تمرين عقلي شخصي، لا أهدف من خلاله سوى لتقديم أفكار وتوسيع الرؤية بعد الحصول على ردود القُرّاء وأفكارهم كذلك. مع الرغبة في رصد وتحليل ردّة فعل كريم وغيرها من الشركات تجاه التطبيق الجديد من الحكومة لنستفيد من دروس عملية في مجال إدارة المشاريع الناشئة والمنافسة وطريقة تجاوزها.

الوسوم
اظهر المزيد

فراس اللو

مُبرمج ومُطوّر تطبيقات ومواقع. صانع مُحتوى ومُحرّر تقني في موقع ميدان الجزيرة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. شكرا لك أستاذ فارس على طرح هذا الموضوع.
    >|وبعد أسابيع من العمل وإعداد العدّة للدخول بقوّة، تُمنع عن العمل تحت ذريعة القانون وعدم الالتزام به.
    برأيك ما حل لمذل هذة المشكلة، مع العلم لأقصد بالمشكلة المنافسة ولكن أقصد ب (القانون) مثل ما حصل في مصر، كيف اعلج مثل هذا الأمر إن حدث؟
    وشكرا!.
    https://www.aljazeera.net/news/presstour/2018/5/9/%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D9%85%D8%AA%D8%AF-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D8%A8%D8%B1-%D9%88-%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85

    1. للأسف لا يوجد حل مُباشر لهذه المُشكلة لأن القوّة بيد المُشرّع (الدولة) أولًا وأخيرًا. يُمكن العمل مع مُحامي شاطر جدًا لإيجاد حلول للالتفاف على القانون أو تشغيل المشروع دون خرق أية قوانين، أو يُمكن البحث عن إمكانية تقديم نسبة من المشروع للدولة أو البلدية، بحيث تكون كشريك، وبالتالي ستتلاشى تلك القيود القانونية بشكل أو بآخر خصوصًا في الدول التي تعمل كل مدينة فيها بقوانين مُختلفة عن الأُخرى، مثل تركيا مثلًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق