موقع Sahibinden وسوق العقارات في تركيا.. قصور ما بعده قصور!

تبدأ التجربة التقليدية في سوق العقارات من التوجّه إلى مكتب العقارات، الدّلال كما يُسمّى في اللغة العامّية، الذي يُعتبر المرجع الأول للباحثين عن المنازل أو المحلات للشراء أو للإيجار. ذلك المكتب يجمع بياناته من أصحاب العقارات مُباشرةً الذين يقومون بإبلاغه عن مواصفات العقار الذي يرغبون بطرحه، ليقوم هو فيما بعد بعرضه للباحثين لقاء عمولة يحصل عليها.
ومع حصول الثورة التقنية، كان لا بُد من نسخ كل تجربة على أرض الواقع وتحويلها إلى منصّة على شبكة الإنترنت. لذا، فإن إنشاء منصّة لعرض العقارات سواءً للبيع أو للإيجار ليس بالأمر الغريب، وهو ما قام به موقع Sahibinden الشهير في تركيا، والذي يُعتبر المرجع الأول للعثور على مُعظم الأشياء من منازل، مكاتب، سيّارات، وغيرها الكثير من الأشياء.
ما سبق يعني أن المكتب العقاري، الذي كان يُعتبر منصّة على أرض الواقع، تراجعت أيامه الزاهية مُقابل منصّة إلكترونية جاءت لتسهيل العملية، فعوضًا عن التوجّه إلى المكتب وزيارة كل عقار على حدة، يُمكن مُشاهدة الصور، ومقاطع الفيديو في بعض العقارات، قبل زيارتها بشكل حي، إلا أن المُشكلة تكمن في عقلية الدلّال نفسه الذي لم يستغل تلك المنصّة بالشكل الأمثل.
اعتبر المكتب العقاري أن منصّة مثل Sahibinden هي فرصة ثمينة للوصول لشريحة أكبر، وهذا شيء طبيعي وحق مشروع أيضًا. لكنه لم يُطوّر لا فكره ولا أساليبه، فهو ما زال يعتمد على نظام العمولة، الكمسيون، من بيع أو تأجير أي عقار، على الرغم أنه في بعض الحالات لا يقوم بأي شيء، فالزبون يصل للعقار عبر المنصّة الإلكترونية، ويتّصل هو بالمكتب، ويذهب للشقّة لمشاهدتها، لتكون الاستفادة القصوى هي للدلّال، وبدرجة أقل للمُستخدم العادي.
الآن، وفي ظل ثورة الذكاء الاصطناعي وحالات الهلع والخوف من الآلة التي ستستبدل الإنسان يومًا ما، فإن الكفّة قد تنقلب، والخاسر الأكبر سيكون الدلّال الذي يعتمد على عمولته، فتوفير منصّة إلكترونية موجّهة لمعالجة الدفعات والعقود الإلكترونية أولًا، مع نظام لضمان هوّية الطرفين -المُستأجر وصاحب العقار- ثانيًا، قد تعني أن مهمّة الدلال ستتناقص أهمّيتها، فالمُستخدم يدخل للبحث عن منزل، ويقوم بتقديم طلبه للشراء أو الاستئجار، وفي حالة موافقة صاحب العقار، تحصل المنصّة الإلكترونية على عمولة بسيطة ويخرج الجميع سُعداء، ولعل تجارب مثل “إير بي أن بي” (AirBnB) من أقوى الأمثلة القائمة على قوة التقنية وقدرتها على بعثرة أوراق الأنظمة التقليدية التي لا ترغب بالنظر إلى التغيّر والتهيئة له.