ماذا لو

هل يُلام الجاهل على جهله؟ أم نلوم من لم يُعلّمه؟

في عام 2013، دخلت أنا وأحد أصدقائي في نقاش عن الآلية الأمثل لضبط الشعوب. أحدنا كان يرى أن وجود قوانين صارمة يفي لوحده بالغرض، بينما رأى الآخر أن القوانين دون مبادىء وقيم عند الشخص ذاته لا تكفي أبدًا، والسبب وراء هذا، أي عدم كفاية القوانين لوحدها، يكمن في أن غياب الرقيب القانوني قد يدفع البشر للتخلّي عن آدميتهم. مثال؟ عدم وجود قيم عند الإنسان قد يدفعه للسرقة عندما تُتاح له الفرصة بغياب الرقابة.

عندما رأيت الصورة أعلاه ضمن تغريدة الكاتب التركي “يلماز أوزديل” (Yılmaz Özdil) الذي يتحدّث عن ضرورة وجود قرار حاسم من الجهات المسؤولة لأن المواطنين غير قادرين على اتخاذ القرار الصحيح شعرت بقليل من الانزعاج بسبب لهجة الانتقاد لديه من جهة، وبسبب النظر للموضوع من جهة واحدة فقط، جهة ما يحدث خارج المصرف بتجاهل ما يحدث -كل يوم- داخله. 

ليست هذه المرّة الأولى التي يحدث فيها ازدحام في مصرف ما في تُركيا، والأمر انتقل فقط من الداخل إلى الخارج. وهنا تكمن المشكلة، أو الحلقة الناقصة، فعوضًا عن لوم جهة واحدة (المواطنين)، يجب لوم الجهة الثانية (العاملون في المصرف) لأن البطىء في وتيرة العمل موجود ومنذ القِدم. بمعنى آخر، تجاهل الخطأ والبُعد عن المنطق في أيام الرخاء ستَظهر آثاره السلبيّة أيام الشدّة.

في بعض الظروف الطارئة سيحدث نوع من البلبلة الذي بدوره قد يؤدي إلى طوابير الازدحام تلك. لكن وجود قيادة حكيمة من شأنه تصحيح المسار بعد الخروج مؤقتًا عن الطريق الصحيح. أما أن نلوم الضحيّة بتحميلها أخطاء الغير، فالأمر لن يزيد الطين إلا بِلّه. وسيُرى بعد الأزمة من كان يبني على أساس صحيح، ومن بنى على أساس مُضعضع وغضّ الطرف عن الأخطاء وتجاهلها تمامًا!  

لا توجد مشكلة دون حل. لكن الأمر يتطلّب بعضًا من البحث والتعب لإيجاده. وإذا ما كان لسان حالك يقول “هل أنا محور الكون لعلاج مشاكله؟” أجبه بنعم، وستكون جاهزًا للتصرّف بحكمة وسرعة في الأزمات، عكس الحلول البدائية التي تستخدمها كُبرى الحكومات اليوم للحد من انتشار الوباء! 

الوسوم
اظهر المزيد

فراس اللو

مُبرمج ومُطوّر تطبيقات ومواقع. صانع مُحتوى ومُحرّر تقني في موقع ميدان الجزيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق